خلفية الاعتقال

اعتُقل الأسير أسيد محفوظ فجر يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2024 بعد أن حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزله في مخيم عسكر ووفقًا لشهادة والده، السيد خليل محفوظ، فإن العائلة استيقظت على أصوات الجنود الذين طرقوا الباب بعنف، فقاموا بفتحه فورًا خوفًا من اقتحامه. داهم الجنود غرف المنزل وأيقظوا جميع أفراد العائلة، ثم دخلوا إلى غرفة أسيد الذي كان مستيقظًا آنذاك، وأخرجوه إلى غرفة المعيشة، حيث أخذوا هويته وأبلغوا العائلة بقرار اعتقاله، أبلغت العائلة الجنود أن أسيد يتلقى علاجًا لإصابته الخطيرة، إلا أنهم رفضوا السماح له بأخذ أدويته، وبعد نحو ساعة من التفتيش، اقتادته قوات الاحتلال إلى الجيبات العسكرية المتوقفة أمام المنزل دون تقييده.

ولاحقًا، علمت العائلة عبر المؤسسات الحقوقية أن أسيد نُقل إلى مركز توقيف حوارة، القريبة من مدينة نابلس، ومن ثم إلى سجن مجدو (قسم 5) المخصص للأشبال، وذلك بعد ثلاثة أيام من اعتقاله. وخلال زيارة المحامي له بعد أشهر من اعتقاله، أفاد أسيد بأنه تعرّض للضرب على رجله المبتورة داخل الجيبات العسكرية أثناء نقله.

الإصابة

بتاريخ 28 آب/أغسطس 2024، وأثناء مواجهات اندلعت داخل مخيم عسكر للاجئين، أصيب الأسير أسيد محفوظ بجروح خطيرة نتيجة تفجير عبوات وقنابل أطلقها جيش الاحتلال على مسافة قريبة من مكان تواجده.، تسببت الإصابة بقطع في الوريد الرئيسي في ساقه اليسرى، ما استدعى نقله أولًا إلى مستشفى رفيديا في نابلس، ثم إلى مستشفى نابلس التخصصي، حيث أُجريت له عملية جراحية استمرت حتى ساعات الفجر، نُقل خلالها أكثر من 40  وحدة دم بسبب النزيف الحاد.

وفي اليوم التالي، تعرض لنزيف آخر، ما اضطر الأطباء إلى بتر ساقه اليسرى من فوق الركبة لإنقاذ حياته، كما أُصيب بحروق من الدرجة الثانية في مناطق الصدر والبطن وتحت الإبط.

مكث أسيد في وحدة العناية المكثفة لأربعة أيام وهو في غيبوبة تامة، ثم بقي في المستشفى أكثر من أسبوعين قبل أن يبدأ رحلة علاج طويلة تضمنت تنظيف الجرح، وتبديل الضمادات، وتناول الأدوية باستمرار.

الوضع القانوني

بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2024، أصدر القائد العسكري للمنطقة أمرًا بالاعتقال الإداري بحق الأسير أسيد لمدة ستة أشهر، تنتهي في 18 حزيران/يونيو 2025، دون توجيه أي تهمة واضحة له، وفي جلسة المراجعة القضائية التي عُقدت في محكمة عوفر العسكرية بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير 2025 أمام القاضي العسكري بارك تامير، ادّعت النيابة العسكرية أن الأسير يشكّل خطرًا على أمن المنطقة، وأن معلومات سرية جمعتها المخابرات منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 تؤكد ذلك، مطالبةً القاضي بالمصادقة على أمر الاعتقال الإداري بالكامل.

من جانبه، طالب محامي الدفاع بإعادة التحقيق مع الأسير، وإيجاد بدائل عن الاعتقال الإداري، مشيرًا إلى أن وضعه الصحي صعب للغاية، وأنه منذ إصابته وحتى اعتقاله كان يتنقل بين المستشفى والمنزل وغير قادر على الحركة، وانه لا يتلقى العلاج اللازم داخل السجن.

قرر القاضي العسكري مراجعة المواد السرية، وبتاريخ 5 شباط/فبراير 2025 ثبت أمر الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر كاملة، مبررًا قراره بعدم وجود أدلة كافية لتقديم لائحة اتهام، ومعتبرًا أن الاعتقال الإداري هو "الإجراء الأنسب".

تُظهر قضية الأسير الطفل أسيد محفوظ تواطؤ المحكمة العسكرية الإسرائيلية في ملفات الاعتقال الإداري، وتجاهلها الواضح لوضعه الصحي كقاصر يعاني من إعاقات جسدية خطيرة. كما تُثير القضية تساؤلًا جوهريًا: إذا كانت "المواد السرية" قد جُمعت منذ عام 2023، فلماذا تأخر اعتقاله لمدة عام كامل!. وبتاريخ لاحق، وبعد انتهاء الأمر الأول، جددت سلطات الاحتلال اعتقال أسيد إداريًا لمدة ستة أشهر إضافية، تنتهي في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، وتم رفض الاستئناف المقدم من قبل محاميه.

الوضع الصحي والعلاج في السجن

وفقًا لإفادات العائلة والمحامين، فإن الأسير لا يتلقى علاجًا طبيًا مناسبًا داخل السجن، ويتم الاكتفاء بتقديم مسكنات بسيطة، رغم مطالبات متكررة من المحامين ومنظمة أطباء لحقوق الإنسان بمتابعة حالته.

وأفادت آخر الزيارات القانونية بأن أسيد يعاني من آلام حادة في الظهر، وتعرض للضرب أكثر من مرة على رجله المبتورة أثناء عمليات القمع داخل السجن، مما تسبب بظهور بروز في عظم القدم المبتورة، كما أنه ما زال بحاجة إلى علاج للحروق التي لم تشفَ تمامًا، وأصيب مؤخرًا بمرض جلدي يُعرف باسم "سكابيوس" (الجرب)، دون تلقي العلاج المناسب أو المراجعة الطبية الدورية.

الزيارات

منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، منعت سلطات الاحتلال العائلات الفلسطينية من زيارة أبنائها داخل السجون، ولم تتمكن عائلة أسيد حتى اليوم من رؤيته أو التواصل المباشر معه، باستثناء زيارات محدودة للمحامين، أو جلسات المحاكمة التي تُعقد بشكل مغلق وسري عبر الفيديو، وفقط بحضور محاميه دون عائلته، مما يمنع الاطلاع الدقيق على حالته الصحية والنفسية.

سجن مجدو وظروف الاحتجاز

يعاني الأسرى الأشبال في سجن مجدو من سياسات قمع ممنهجة تنفذها وحدات السجون الخاصة، تشمل الاعتداءات الجسدية المتكررة والإهمال الطبي المتعمد، وفق إفادات المحامين، تعاني الأقسام من انتشار واسع للأمراض الجلدية، خاصة مرض سكابيوس، إضافة إلى التجويع الممنهج ونقص الملابس وسوء النظافة، ويعاني الأسير أسيد من نحافة مفرطة وشحوب واضح وتعب شديد نتيجة سوء التغذية منذ بداية العدوان على غزة، سُجل في سجن مجدو استشهاد ثمانية أسرى جراء التعذيب والإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز، من بينهم الأسير الطفل وليد خالد (17 عامًا) الذي استشهد في آذار/مارس 2025.
وأظهر تقرير التشريح الأولي أن المجاعة داخل السجن وانتشار الأمراض والإهمال الطبي كانت الأسباب المباشرة لوفاته.

تُبرز حالة الأسير أسيد خليل محفوظ الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون في سجون الاحتلال، من الاعتقال الإداري التعسفي، والإهمال الطبي المتعمد، والتعذيب الجسدي والنفسي، والحرمان من الزيارة والرعاية الصحية. وتؤكد هذه القضية أن سلطات الاحتلال تستخدم الاعتقال الإداري كأداة لعقاب الأطفال الفلسطينيين وذويهم، في ظل صمت قضائي وعجز دولي عن مساءلة المسؤولين الإسرائيليين عن كل هذه الجرائم.

Last Update