بعد سنوات طويلة من الاحتجاز التعسفي طويل الأمد.. أفرجت  السلطات الفرنسية أخيرًا عن المناضل جورج إبراهيم عبدالله بعد أكثر من 41 عامًا في السجون الفرنسية، والذي مثّل إحدى أطول وأوضح حالات الاحتجاز التعسفي السياسي في أوروبا المعاصرة. 

لقد شكّل استمرار اعتقال جورج عبدالله، رغم انتهاء محكوميته القانونية، انتهاكًا صارخًا لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، واستهتارًا واضحًا بسيادة القانون واستقلال القضاء. ففي عام 1999، استوفى جورج عبدالله متطلبات إطلاق سراحه المشروط وفقًا للقانون الفرنسي، إلا أن طلبات الإفراج عنه قوبلت بالرفض المتكرر من قبل السلطات، رغم أن القضاء الفرنسي أقرّ بأهليته للإفراج. وفي عام 2013، وافق القضاء مبدئيًا على إطلاق سراحه بشرط ترحيله إلى لبنان، لكن وزارة الداخلية الفرنسية امتنعت عن إصدار أمر الترحيل اللازم، ما أدّى إلى بقاءه قسرًا في السجن، في مخالفة مباشرة للقرار القضائي. 

إن هذا السلوك الممنهج يعكس خضوع الدولة الفرنسية لضغوط سياسية خارجية، لا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية، ويكشف عن غياب الحدّ الأدنى من احترام فصل السلطات، ويُكرّس التدخل السياسي في القضاء. إن ما جرى لا يمكن وصفه إلا بأنه احتجاز تعسفي، واستمرار متعمّد في سلب الحرية، يشكّل انتهاكًا صارخًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولسيادة القانون. 

لقد تحوّلت قضية جورج عبدالله إلى اختبار حقيقي لمصداقية فرنسا في احترام التزاماتها الدولية، وإلى دليل على هشاشة الخطاب الرسمي حين يُستخدم القانون كغطاء للتضييق على الحريات السياسية والنضال من أجل قضايا الشعوب. وفي هذا السياق، تعبّر مؤسسة الضمير عن قلقها العميق إزاء التواطؤ الدولي مع أنماط مماثلة من القمع السياسي، والتي يعاني منها الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، في ظل صمت مريب من "الديمقراطيات" الغربية.